إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

24,254

الخميس، 23 أبريل 2020

الفكر محور الحياة الإنسانية


الفكر محور الحياة الإنسانية
                      أ. د/ محمد شامة
فًكَّرَ يُفَكِّرُ تَفْكِيراً فَهُوَ مُفَكِّر: أي من رجال الفكر، أو من العلماء، أو من أهل الرأي، والمفعول به مُفَكَّرٌ فيه. فَكَّرَ المرء: مارس نشاطه الذهني، وقيل: أنا أفكر، فأنا موجود. تَفَكَّرَ فيه: أعمل العقل فيه ليصل إلى نتيجة، أو حل، أو قرار.
فِكْرٌ وأفكار: تَكَوُّن الآراء والخواطر في عقل الإنسان، وبلورتها في نصوص. وتدبُّر الأشياء بالتأمل، وإعمال العقل فى المعلوم للوصول إلى معرفة المجهول. والْفَكْرُ بالفتح: الحاجة، يقال: ليس لي في هذا الأمر فَكْرٌ، ولا أبالي به. ومن يفكر في نفسه أناني. وقيل في الأمثال: " العبد في التفكير، والرب في التدبير " للدلالة على الإيمان بقدرة الله والتوكل.[1]   
الفكر: هو مصطلح في الدراسات المتعلقة بالعقل البشرى، ويشير إلى قدرة العقل على تصحيح الاستنتاجات بشأن ما هو حقيقي أو واقعي، وبشأن كيفية حل المشكلات. ويمكن تقسيم النقاش المتعلق بالفكر إلى مجالين واسعي النطاق، وفى هذين المجالين استمر استخدام المصطلحين: "الفكر" و"الذكاء" كمصطلحين مرتبطين ببعضهما البعض.
يعتبر الفكر في الفلسفة، لاسيما في الفلسفة الكلاسيكية وفلسفة القرون الوسطى موضوعاً مهماً، مرتبطاً بمسألة قدرة البشر على معرفة الأشياء. وخلال العصور القديمة المتأخرة، والعصور الوسطى تحديداً، كان الفكر يقترح في كثير من الأحيان كمفهوم يمكنه التوفيق بين المفاهيم الفلسفية والعلمية للطبيعة، وبين المفاهيم التوحيدية، وذلك عن طريق جعل الفكر رابطاً بين كل روح بشرية والفكر الإلهي (أو المفكرين) الخاص بالكون نفسه.
وأثناء العصور الوسطى اللاتينية نشأ تمييز جرى بموجبه استخدام مصطلح " الذكاء " للإشارة إلى الكائنات غير المادية التي تحكمت في المجالات السماوية في كثير من هذه الحسابات. واستمرت مناقشة الذكاء باعتباره القدرة العقلية (أو القدرات) التي تتيح للأشخاص فهم الأشياء كموضوع تجرى دراسته من قبل علم النفس وعلم الأعصاب العلمي الحديث.
والشخص الذي يستخدم الذكاء (الفكر والعقل) والتفكير النقدي، أو التحليلي، بصفة مهنية، أو بصفة شخصية يشار إليه في كثير من الأحيان باسم مفكر.[2]
الفكر في الإسلام:
تدور حياة الإنسان كلها على أساس الفكر، إذ لا يوجد إنسان سوى بدون فكر، لأن الفكر عصب حياة الإنسان ومدار نشاطه، ولهذا منح الإسلام للإنسان حرية في الفكر لم يمنحها دين من الأديان، ولا استطاع مذهب من المذاهب الإنسانية أن يصل إليها؛ ففضله بذلك على سائر الكائنات الحية، ومن أبرز مظاهر التكريم منحه قوة التفكير، ذلك أنها من الخصائص التي تميز بها الإنسان عن سائر الكائنات المخلوقة على سطح هذه الأرض، فبها استطاع أن يتغلب على ما حوله ويسخره له، مهما كانت قوة جسمه وصلابة عضلاته، إذ بواسطة العقل استطاع الإنسان أن يخضع كل حي له، ويسخر كل ما في الطبيعة لخدمته، فهو المفتاح الذى منحه الله لبنى آدم ليفتحوا به آفاق المجهول، والمصباح الذى أعطاه الله للإنسان لينير به طريق الحياة، والآلة التي منحها الله لمن فضله من الكائنات الحية - وهو الإنسان – ليستخدمها في الكشف عن أسرار الطبيعة، والقوة المدركة التي وهبها الله للإنسان ليصل بها إلى إدراك الإبداع في الكون، والدقة في الخلق، فيعرف بذلك مَنْ أبدع فأحسن التكوين، وخلق كل شيء في أحسن تقويم.
ولهذا جاءت آيات كثيرة في القرآن الكريم تحث الإنسان على التفكير في نفسه، وفى كيفية خلقه، وتوضح له أن وظيفة العقل هي التفكير، الذي يقود صاحبه إلى الهداية، وإلى معرفة الواحد القهار، وإلى الوقوف على أسرار ما حوله من مظاهر الطبيعة. وتنوع التعبير عن هذه القوة المدركة في الإنسان، فجاء الحديث عنها مرة: بالتفكر، وتارة: بالعقل، وأخرى: بالتفقه. فلو تتبعنا الآيات التي تحدثت عنها بكلمة: "التفكر" ومشتقاتها اللغوية، لوجدنا أن القرآن الكريم ذكر هذه المادة في سبع عشرة آية، منها ما يحث على التفكير في آيات الله، كقوله تعالى: ﭐﱡﭐ     [ البقرة : ٢١٩ ] ، وما يدعو إلى التفكير في النفس ، كقوله تعالى:  ﭐﱡﭐ     [ الروم : ٨ ]، وما يوجه الإنسان إلى التفكير في خلق السموات والأرض، كقوله تعالى: ﭐﱡﭐ   ﱿ          [ آل عمران : ١٩٠ - ١٩١ ]، وفى مظاهر الحياة حوله ، كقوله تعالى:  ﱡﭐ       ﲿ    [ يونس : ٢٤]
     كما أن منها ما ينفى المساواة بين من يعطل هذه القوة، ومن يستخدمها فيما خلقت  له، يقول تعالى:  ﱡﭐ      [ الزمر: ٩] ، كذلك كرر القرآن الكريم كلمة: "العقل" ومشتقاتها اللغوية، لحث الإنسان على عدم تعطيل ما أنعم الله به عليه، فجاءت في أكثر من أربعين آية ، منها قوله تعالى: ﱡﭐ ﱿ    [ البقرة : ٧٣]، وقوله  :    [الأنعام : ١٥١] ، وقوله : ﱡﭐ         [ البقرة : ١٦٤] .
و " التعقل " و " التفكر ": وظيفتان للقوة المدركة فى الإنسان، لا يجوز له أن يهملهما، وإلا كان معطلاً لما يميزه عن الحيوان، إذ ليس هناك فرق حيوي بينهما سوى هذه القوة، فإذا لم تمارس فيما خلقت له أصبح الإنسان كالأنعام، يقول تعالى: ﱡﭐ                [ الفرقان : ٤٤] ، ولم يقتصر القرآن الكريم على دعوة الإنسان إلى التفكير فيي نفسه وفيما حوله وتعقله، بل خطا خطوة أبعد منهما، فحثه على "التفقه" وهو أبعد مدى من التفكير، إذ من يصل إليه يكون أكثر وعياً لما يحيط به، وأعمق إدراكاً لأبعاد وجوده وروابط الكائنات الحية حوله، كما يجعله منفتح البصيرة دائماً، وعلى استعداد للحوار البناء، الذى يؤدى إلى نتائج تعود بالنفع عليه فى جميع مجالات حياته، ولذا وصف الله بها كل من يصل بعقله إلى إدراك أغوار ما يعرض عليه، يقول تعالى :ﱡﭐ ﱿ    [الأنعام : ٩٨]، ويقول : ﭐﱡﭐ        [ الأنعام : ٦٥] ، بل ذم من لم يفعل ذلك وتوعده بسوء المصير، يقول تعالى:  ﱡﭐ       [ النساء : ٧٨] ، ويقول:  ﱡﭐ      [ الأعراف: ١٧٩]
فهذه جوانب ثلاثة للقوى المدركة في الإنسان، ينبغي عليه دينياً ألا تفارقه ولا يفارقها، وإلا كان مقصراً في مهمته في هذه الحياة. ولا شك أن مثل هذا التقصير يعوق تقدمه، فيودى به في أودية التخلف والانحطاط الذي لا يرضاه الله له، بل سوف يحاسبه يوم القيامة على إهماله لوظيفة العقل مما أودى به إلى قاع التخلف، حيث يتحكم فيه أعداؤه الثلاثة: الجهل والفقر والمرض. وهكذا تبدو أهمية الإسلام وفاعليته في المجتمعات التي تتمسك به، وتتخذ نهجه الإلهي لها طريقاً في جميع مجالات حياتها. [3]
الثقافة:
الثقافة في اللغة العربية: الحذق والتمكن، وثقف الرمح أي قومّه وسواه، وعليه فيقال: شخص مثقف، إذا كان مهذباً ومتعلماً ومتمكناَ من العلوم والفنون والآداب، فالثقافة هي إدراك الفرد والمجتمع للعلوم والمعرفة في شتى مجالات الحياة؛ فكلما زاد نشاط الفرد ومطالعته واكتسابه الخبرة في الحياة زاد معدل الوعي الثقافي لديه، وأصبح عنصراً بناءً في المجتمع.
ويستخدم مصطلح الثقافة للإشارة إلى ثقافة المجتمعات الإنسانية، وهي طريقة حياة تميّز كل مجموعة بشرية عن مجموعة أخرى. والثقافة يتم تعليمها ونقلها من جيل إلى آخر؛ ويقصد بذلك مجموعة من الأشياء المرتبطة بنخبة ذلك المجتمع أو المتأصلة بين أفراد ذلك المجتمع، ومن ذلك الموسيقى، الفنون الشعبية، التقاليد المحببة، بحيث تصبح قيماً تتوارثها الأجيال ومثال ذلك الكرم عند العرب، الدقة عند الأوروبيين، أو رقصات أو مظاهر سلوكية أو مراسم تعبدية أو طرق في الزواج. فيقصد بالثقافة الكيان المادي والروحي لمجتمع من المجتمعات ويدخل في ذلك التراث واللغة والدين وعادات المجتمع ونشاطه الحضري.
وتطلق كلمة " الثقافة "، ويراد بها التراث الحضاري الفكري في جميع جوانبه النظرية، والعملية، الذي أنتجته الأمة، وتميزت به عن غيرها، فهو ينتسب إليها، وهي تعرف به، وتُقَيَّم بين الأمم على أساسه؛ ولذا ينبغي على أبنائها أن يتفهموا هذا التراث، وأن يبذلوا قصارى جهدهم لتنميته، كي يصلوا به إلى المستوى الأسمى، وأن يستمروا في العطاء للمحافظة على المستوى الذي يليق بواقع الأمة بين شعوب العالم في مجالات التطور الحضاري، والنمو الفكري.
ويطلق البعض كلمة " ثقافة " على الحضارة، فيقولون: إنسان مثقف، أي متحضر، فهما مترادفان. ويرى علماء الاجتماع، أنها -أي الثقافة – سلوك تعلمي، يكتسبه الأفراد كأعضاء في جماعات تعيش في المجتمع الواحد، فهي تتضمن المعرفة، والمعتقد، والفن، والخلق، والقانون، والعادات الاجتماعية؛ وبذلك يختلف مفهوم الثقافة من مجتمع لآخر، بل يصل الأمر إلى اختلاف مفهومها داخل الثقافة الواحدة، طبقاً للمستويات الاجتماعية، والتعليمية، والظروف المحيطة، كما يتنوع مفهومها بتنوع البيئة؛ فثقافة من يعيش في مجتمع زراعي تختلف عنها لدى من يعيشون في مجتمع صناعي. كما أنها تختلف أيضاً باختلاف درجة التقدم في البيئة الواحدة، فثقافة الفلاح غير ثقافة من يعيش في البادية، وتختلف كلتاهما عن ثقافة من يتعامل مع وسائل التكنولوجيا الحديثة بوسائلها المختلفة.
وتتطور الثقافة -أي يدخلها تعديل وتبديل – عن طريق التعلم، واتصال الشعوب بعضها ببعض، وتلعب (الميديا = وسائل الإعلام) دوراً كبيراً في هذا الجانب، كما تؤثر الاتجاهات الفكرية والفنية، بوسائلها المختلفة، سلباً أو إيجاباً في السلوك البشرى.
ومن هنا جاء اختلاف الثقافات باختلاف الزمان والمكان، بل قد يصل الاختلاف إلى أبعد مدى بفعل عوامل إقليمية، وجغرافية، ودينية، وطبقية، إذ من الملاحظ أن هناك تبايناً في السلوك بين الشعوب المختلفة في عقائدها، والمتباينة في أعراقها، والمتعددة في درجاتها الثقافية.   
الفكر، والعلم، والكتابة، والثقافة: من أعمال العقل الإنساني؛ فقد وهبه الله  I القدرة على التفكير، وإمكانية التعلم، ومهارة الكتابة، ليصل بذلك إلى الثقافة، أي تهذيب سلوكه، والتمكن من فهم ما حوله من آفاق الكون، وأسرار الحياة، فيسجل ما وصل إليه من معارف عدة: أدب، أخلاق، فنون، وما يكتشفه من باطن الأرض ومكونات الفضاء، وما يزيل غموضه من طاقات الهواء والكواكب التي تسبح حولنا، فيتكون من ذلك كله حضارة إنسانية، تخدم الفرد والمجتمع في جميع أنشطة الحياة المختلفة.
وهنا يبرز إلى السطح تساؤل، ألا وهو:
ماهي العلاقة بين هذه المصطلحات الأربعة؟ أهي علاقة توالى، بمعنى يوجد الفكر أولاً، ثم العلم، تليه الكتابة، ليصل الأمر بعد ذلك إلى الثقافة؟ أم علاقة تداخل، إذ لا يوجد فكر بدون علم، ولا يتحصل للمرء علم بدون كتابة، وبالتالي لا توجد ثقافة، بدون أن يسبقه فكر وعلم وكتابة؟
أرى أن ترتيب الوجود، هو على النحو الذى ذكرته في مقدمة هذه الفقرة؛ فالإنسان يفكر أولاً، إذ هو حيوان مفكر، وذلك بتفسير المقولة الشائعة: " الإنسان حيوان ناطق "؛ إذ أن معناها: مفكر، لأن بعض الحيوانات تنطق بلغات مختلفة، تفهمها أفراد الجنس مع بعضها، ولذلك فالإنسان ليس هو المخلوق الوحيد الذى ينطق، بل هو الكائن الذى يفكر، فيصل بتفكيره إلى تحصيل المعلوم من المجهول، ثم يسجله كتابة، ليتكون بذلك تراكم علمي يطلع عليه الآخرون فيصلون بذلك إلى درجة الثقافة، فهي - أي المصطلحات الأربعة – بناء تربوي، يبدأ بالفكر وينتهى بالثقافة، وبينهما: العلم والكتابة.

ما موقف الإسلام من هذه المصطلحات؟
حث الإسلام الإنسان على التفكير في نفسه، وفيما حوله، وفى مختلف مناحي حياته في آيات كثيرة، وبمصطلحات متعددة، تؤدي كلها إلى تنشيط الذهن، واستخدام قوة الإدراك: مثل: يتفكرون، يفقهون، ينظرون، يتذكرون، وغير ذلك من الأساليب التي تبين أن الإنسان حيوان مفكر، ويلزمه استخدام هذه القوة الإدراكية، وإلا كان معطلاً لأهم ميزة أعطاه الله إياها دون غيره من الكائنات الحية.
أما العلم وتحصيله، فحدث ولا حرج عن الآيات الكثيرة التي وردت في القرآن الكريم تبين فضل العلم والتعليم، وتوضح قيمة البحث عن المكنون وراء الظواهر المرئية، وعن أسباب الأحداث التي تقابل الإنسان في حياته، وعن السر وراء تغيرات وتقلبات ما يحيط بالإنسان من آفاق تحيط بكوكب الأرض، أو تسبح في الفضاء، وهى على سبيل المثال -لا الحصر -قوله تعالى: ﭐﱡﭐ      [ يونس: ١٠١]  وقوله:  ﱡﭐ     ﱿ    [ ق: ٦ – ٧]
وقوله: ﱡﭐ   ﲿ      [ الغاشية: ١٧ – ٢٠]
وقوله: ﭐﱡﭐ [الطارق: ٥]  
لا يصل العلم إلى ثماره المرجوة إلا بالكتابة، أي بتسجيل ما يتوصل إليه الإنسان من نتائج، كي تصل هذه النتائج إلى من يقرؤها، فيعمل بها، ويطبقها في حياته، فيستفيد منها الفرد، ويصلح حال المجتمع بها، وذلك بما يترتب على هذه العملية من قيام حضارات، تضاف إلى ما سبقها من تطور في أسلوب الحياة، وازدهار في مجالات التقدم البشرى، حيث يستمتع الفرد بالأدوات الحديثة، ويرقى المجتمع بما يصل إليه العلم من اختراعات في جميع مجالات الحياة.
ومن الجدير بالذكر أن أول آية نزلت من القرآن الكريم - وهى قوله تعالى:  ﱡﭐ    [ العلق: ١ – ٤]  - وضحت أهمية هذا الجانب في حياة الناس، حيث بينت ضرورة الكتابة في قيام الحضارات؛ إذ لا تقوم حضارة إلا بواسطة تسجيل الاختراعات وكتابة الاكتشافات في جميع المجالات، سواء على مستوى العلوم التطبيقية، أو في آفاق الفنون والآداب؛ لأن البناء الحضاري يقوم على التراكم الثقافي، والتتباع الإبداعي؛ إذ يعتمد اللاحقون على ما أنجزه السابقون، ويبنون عليه، ويسلمونه لمن بعدهم، ليواصلوا ما يبدعونه في المجالات المختلفة ... وهكذا يواصل الصرح الحضاري ارتفاعه دون توقف ؛ فلم - ولن – يرتفع بناء حضاري على السرد الشفهي، فكل الحضارات التي قامت على امتداد التاريخ البشرى كان التسجيل - سواء كان بالرسم ، أو النحت، أو بالكتابة، أو بأي وسيلة أخرى من وسائل حفظ الابداعات الإنسانية – هو العمود الفقري الذى يستند إليه كل ما يبدعه الإنسان وتنجزه الشعوب.
وهذا من أساليب الإعجاز في القرآن الكريم، إذ أراد الله أن يعلم المسلمين في هذه الآيات الأولى فضل علم الكتابة، لما فيه من المنافع العظيمة التي لا يحيط بها إلا هو. وما دُوِّنَت العلوم، ولا قُيِّدَت الحِكَم، ولا حُفِظَت أخبار الأولين ومقالاتهم، ولا كُتُبُ الله المنزلة إلا بالكتابة، ولولاها لما استقامت أمور الدين والدنيا. ولو لم تكن على دقيق حكمة الله، ولطيف تدبيره من دليل إلا أمر القلم والخط لكفى.
ولبعضهم في صفة القلم:
          دَرَاقِمٍ  رُقْشٍ  كَمِثْلِ   أَرَاقِمٍ    #   قُطْفِ  الْخُطَا  أَقْصَى الْمُدَى
          سُودِ الْقَوَائِمِ مَا يَحِدُّ مَسِيرَهَا    #   إِلَّا إِذَا لَعِبَتْ بِهَا بِيضُ الْمُدَى [4]
وجملة القول : الفكر محور الحياة الإنسانية ؛ لأنه أداة الوصول إلى معرفة المجهول ، وآلة بناء الصرح العلمي الذى هو أساس الوجود البشرى ، حيث يعين المجتمع الإنساني على الاستمتاع بالطبيعة وما حولها وكذلك ما يكمن في باطنها، فضلاً عن أنه - بما يحصله من معلومات - يهذب السلوك ، ويغرس الأخلاق الحميدة في الأفراد ، ويعمق الإحساس بالتكافل والتعاون بين أفراد المجتمع ، وبين شعوب الكرة الأرضية قاطبة ، ولا يتحقق ذلك على الوجه الأكمل إلا بتسجيل وكتابة ما يصل إليه الإنسان من معلومات ، ووسيلة الوصول إليها – أي أ. د/ محمد شامة- الفكر ، فهو محور الوجود كله .
                                                                          أ. د/ محمد شامة                                                                                                                                     
                                                                
*    *     *    


[1] ) انظر: لسان العرب، المعجم الوسيط، المحيط فى اللغة.
[2] ) شبكة المعلومات الدولية.
[3] ) انظر كتابنا: الإسلام دين ودنيا صــ 197 وما بعدها.
[4] ) راجع! مفهوم الأسطورة فى القرآن الكريم صــ 220 وما بعدها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقدمة المدونة

                  مقدمة المدونة تعددت الأصوات المطالبة بتجديد الخطاب الديني؛ إذ أدلى بدلوه في هذا المجال المتخصصون وغير المتخصصين ...