O
ولاء الماركسيين 1
يدين "الماركسيون" في العالم بالولاء التام للاتحاد السوفييتي – أو للصين-، لأنه عنصر من عناصر دراستهم للماركسية؛ ففي روسيا مدارس خاصة يتعلم فيها الشباب من جميع أنحاء العالم مواد عامة وهي:
- تاريخ الحزب الشيوعي الروسي.
- المادية التاريخية الجدلية.
- تاريخ الشيوعية العالمية.
- النظريات الاقتصادية.
ومواد خاصة، حيث ينفرد طلبة كل إقليم بدراستها:
- تاريخ الحركة الوطنية في بلادهم.
- المشكلات الاقتصادية سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية
- المشكلات الاقتصادية سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية، أو.... أو ..... إلخ.
هذا من الناحية النظرية، ثم يشترك جميع الدارسين للتدريب على:
تشكيل الجمعيات السرية، وأوجه نشاطها: من طبع منشورات وتوزيعها ... حتى استعمال القوة المسلحة للاستيلاء على السلطة.
وبعد أن يتخرج الطالب، يُرسَل إلى بلده، لينضم إلى التنظيم الشيوعي السري. ولكنه –مثله في ذلك مثل غيره ممن سبقوه على هذا الدرب-يظل دائماً مرتبطاً بالاتحاد السوفييتي في جميع تصرفاته، ويبرر مواقفه الدولية، ويتحرك طبقاً لتعليمات موسكو. يقول شيوعي سابق معقباً على مناهج تلك المدرسة:
وهكذا أنتج الاتصال بين النظري والعملي هدفاً مزدوجاً؛ ففي الناحية الأولى وُجِّهْنا لاستعمال معلوماتنا النظرية في البلد الذي سنعمل فيه فيما بعد. وفي الناحية الأخرى تحولنا بطريق الإلزام-ليس فقط نتيجة لدراسة التاريخ السوفييتي، بل أيضاً نتيجة لمناقشة الأحداث الهامة في الاتحاد السوفييتي-إلى مداومة تتبع الأحداث في الاتحاد السوفييتي، وإلى تفسير موقفه من الأحداث العالمية، والدعوة له، والدفاع عنه.
إن الشيوعي لا يتحرك من بلده وفيها من تلقاء نفسه، بل تحركه موسكو، فهو قطعة شطرنج، يحركها اللاعب، وهو هنا زعماء الحزب في موسكو-أو الصين-، وقد صرح بهذا الوصف أحد زعماء الشيوعيين في ألمانيا الشرقية لـــــــ "ليونهارد" [مؤلف كتاب: "الثورة تطرد أبناءها" وقد ترجمته تحت عنوان" "حقائق عن نظام الحكم الشيوعي" ونشر في عام 1981م] أثناء حوار دار بينهما حول ربط ألمانيا الشرقية بعجلة الاتحاد السوفييتي، وكان "ليونهارد" يرى أن العلاقة يجب أن تقوم على أساس المساواة بين الدولتين، لا على أساس تحكم الاتحاد السوفييتي في مصير ألمانيا الشرقية، واتخاذه موقف الآمر، وألمانيا الشرقية موقف المنفذ دون اعتراض:
".... فلنقف على أرض الحقيقة العارية! ما معنى المساواة هنا؟ أعرني انتباهك! فالنضال الذي انتشر في العالم هو بكل أبعاده لعبة شطرنج كبيرة ... وأشار بيده إلى لوحة الشطرنج، يوجد أبيض وأسود على هذه اللوحة، ويواجه اللاعبان أحدهما الآخر بأشكال مختلفة من قطع الشطرنج، تختلف فيه كل قطعة باختلاف شكلها، وطريقة حركتها على اللوحة، ولكن تحرك هذه القطع لا يمكن أن يكون إلا من المركز، وهذا المركز هو موسكو فقط .... يجب أن نقترب من الموضوع مجردين من أي اتجاه ... هل لاحظت مرة شيئاً خاصًّا في سمات الاتحاد السوفييتي، واتحاد الجمهوريات السوفييتية؟
لم أفهم بسرعة، ماذا يريد بهذا السؤال!، ثم استطرد الزعيم الشيوعي يقول: لا يُظهِر مفهوم روسيا هذه السمات، وليس هذا من باب المصادفة. وبهذا مُهِّد الطريق للبلاد البتي تتحول فيما بعد إلى الاشتراكية للانضمام لهذا الاتحاد. هل تعتقد-إذا وصلت البلاد الديمقراطية الشعبية، وفيما بعد المنطقة الألمانية أيضاً إلى أسس الاشتراكية-نستطيع أن نعيش كدولة مستقلة، لا تُربَط بالاتحاد السوفييتي."
هذا هو هدف الماركسيين، تسليم البلاد-بعد الاستيلاء على السلطة-إلى موسكو، لتكون إحدى الجمهوريات السوفييتية، فليس هذا التصريح من ماركسي صغير، بل من زعيم أصبح رئيساً لجمهورية ألمانيا الديمقراطية فيما بعد. أيمكن بعد هذا أن ينخدع بالدعاية الماركسية إنسان له عقل يفكر به.
* * *
خاتمة
يقف المجتمع الإسلامي اليوم-في جميع أقاليمه-على مفترق الطرق، يلتقط أنفاسه من هول الطريق، الذي قطعه على مدى المائة سنة الماضية؛ حيث تجاذبته تيارات أقضت مضاجعه، فلم تترك له فرصة البناء والتعمير، وأهلكت أعصابه، فلم يعد يقوى على التفكير بموضوعية فيما يعرض عليه من "أيديولوجيات"، ولم يستطع الاحتفاظ بما عنده من عقائد وعبادات، فتهاون فيها وأهملها، أو أوَّلها فألغاها، أو أداها عادة وتقليداً، فصارت:
- صورة لا حياة فيها.
- ومصدراً للرزق والتكسب، لا عقيدة يدافع عنها بالروح والمال.
- ووسيلة يخدع الحكام شعوبهم بالتظاهر بها، لا منارة يسير على هديها رجال السلطة.
وإزاء هذه الظروف التي يمر بها المجتمع الإسلامي يجب على المعاهد التي تخرج الدعاة أن تعيد النظر في اختيار دعاة المستقبل فتأخذ في الاعتبار –بجانب الناحية الروحية-حسن المظهر، ورتابة الملبس، ودبلوماسية السلوك، وأن تعدل مناهجها فتدخل فيها من المواد:
• ما يهيئ الداعية لمواجهة الأيديولوجيات الحديثة، ولن يكون ذلك إلا بدراسة جوانبها الفلسفية والتطبيقية.
• وما يجعله قادراً على شرح الإسلام بلغة العصر في جميع المحافل، سواء كانت دولية أو محلية.
• وأخيراً أن تكفل له مستوى مادي يساعده على الظهور في المجتمع بمظهر لائق.
والله الهادي إلى سواء السبيل.
ولن يضيع الله أجر من أحسن عملاً.
إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
أ. د/ محمد شامة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق