O
الـمـواجـهــة
3
سوى الإسلام بين الرجل والمرأة
فى مجالات الحياة المتعددة -اللهم إلا ما تميزه طبيعة أحدهم عن الآخر –، فلها ما
للرجل من ثواب على أعمالها، يقول الله تعالى:
ﱡﭐ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﱠ [النحل: 97]
فهذه التسوية تبين أنه لا يجوز
تفضيل الرجل على المرأة في أجر ما يقوم به كل منهما في مجالات الحياة الدنيوية
أسوة بما بينه الله تعالى من التسوية بينهما في ثواب الأعمال الدينية. وهذه قاعدة
إسلامية رسخها الإسلام في المجتمع قبل أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان، وبذلك
سبق الإسلام مفاهيم الحضارة الحديثة، حيث لا زال التفريق بين الرجل والمرأة في
"أرقى" مجتمعاتها سائداً؛ فقد نشرت جريدة أخبار اليوم المصرية في عددها
الصادر في 13/7/2005م (نقلاً عن صحيفة "تربيون بشيكاغو") موضوعاً تحت
عنوان: ( 60 مليون امرأة "مكسورة الجناح" في أمريكا ). يؤكد الكاتب في
هذا الموضوع على وجود أكثر من ستين مليون سيدة أمريكية عاملة، ما زلن يعانين من
التفرقة على النوع في الأجور التي يحصلن عليها، ويشعرن أنهن مكسورات الجناح، يل إن
غالبية النساء العاملات في الولايات المتحدة يعانين من انعدام المساواة. وتقول
منظمة اللجنة الوطنية من أجل المساواة في الأجور، أنه رغم مرور أربعين عاماً على
صدور قانون المساواة في الأجور، والذى ينص على ضرورة مساواة المرأة بالرجل اللذين
يؤديان نفس العمل في الأجر، فإن المرأة التي تعمل في وظيفة دائمة، وعلى مدار العام،
تحصل على 76% فقط مما يحصل عليه الرجل من أجور ومكافآت، وبالطبع فالتفرقة تزداد
عندما تكون المرأة العاملة سوداء ..... وبالطبع فإن هذه الفجوة في الأجر تعنى أن
المرأة تفقد حوالى 300 ألف دولار خلال سنوات عملها حتى سن التقاعد، وهذه الأموال بالتأكيد
كانت تكفى لكى تشترى المرأة منزلاً بدلاً من الحياة في شقة إيجار، كما أنها كانت تكفى
لكى ترسل أبناءها للتعليم في الجامعة بدلاً من إخراجهم من التعليم للعمل في مطاعم
الهامبورجر."
أما ما يستدل به غير المسلمين
على عدم المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام بمسائل الميراث، حيث أعطى الإسلام
للمرأة نصف نصيب الرجل في قوله تعالى:
ﱡﭐ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋﲌ ﳔ ﱠ [النساء: 11]
وقوله:
ﱡ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭﱮ ﱹ ﱠ[ النساء : 176 ]
فلا ينهض ذلك دليلاً على عدم
المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام؛ ذلك أنهم ينظرون إلى المسألة نظرة جزئية،
متناسين أصول المنهج الحديث في البحث والاستدلال، حيث تشير قواعده إلى أن هذه
النظرة الجزئية تؤدى إلى خطأ في النتيجة، ولذا ينبغي أن نلم بأطراف الموضوع في
مسألة توزيع الميراث، كي نصل إلى النتيجة العلمية الصحيحة، وتتلخص فيما يلي:
راعى الإسلام الالتزامات
المالية لكل وارث، فالابن مكلف بالإنفاق على نفسه وأسرته، بالإضافة إلى أن عليه دفع
المهر لمن يختارها شريكة حياته، ويقوم بدفع كل ما يتطلبه إتمام الزواج من: دفع أجرة
مسكن الزوجية، وشراء كل ما يلزم الحياة في هذا المسكن من: فرش وأدوات زينة، وجميع
ما يلزم للطعام والشراب. أما البنت فلا تكلف بشيء من ذلك كله، بل إن طعامها
وشرابها وما يلزمها من الملابس ومتعلقاتها قبل الزواج على أبيها، وبعد الزواج على
زوجها، فإن مات زوجها فعلى أبنائها. وعليه فما تأخذه من الميراث يمكن أن يُستثمَر
فيتضاعف، أما نصيب الولد فينفق منه على من تلزمه نفقته، وقد يستغرق هذا الإنفاق كل
نصيبه من الميراث.
لا تأخذ المرأة من الميراث نصف ما يأخذه الرجل في
كل الأحوال، فهناك حالات ترث المرأة فيها ضعف ما يرث الرجل؛ فلو ماتت امرأة وتركت
من الورثة: زوج (أرمل)، وأم، وأب، فإن الزوج يأخذ نصف التركة لقوله تعالى: ﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋﱌ ﲤ ﱠ [النساء: 12]، وترث الأم الثلث ، لقوله تعالى: ﱡ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱﲲ ﳔ ﱠ[ النساء : 11 ] ويأخذ الأب الباقي تعصيباً ،
فلو قسمنا التركة على ستة أسهم ، فإن الزوج يأخذ 3 أسهم ، والأم 2 ، ولا يتبقى
للأب سوى سهم واحد ، وهو نصف ما أخذته الأم ، على الرغم من أنه في درجتها بالنسبة
لدرجة القرابة مع المتوفى .
وهناك حالات يتساوى فيها نصيب الذكر والأنثى، فإذا
مات وترك أباً وأماًّ، وأولاداً فإن للأب السدس، وللأم السدس كذلك، لقوله تعالى: ﱡﭐ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧﲨ ﳔ ﱠ [النساء: 11]، وكذلك الأمر إذا كان من بين الورثة إخوة لأم ، فنصيبهم
من التركة الثلث يقسم بينهم بالتساوي، للذكر مثل حظ الأنثى ، لقوله تعالى : ﱡﭐ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑﲒ ﲤ ﱠ [النساء: 12]
ترث البنت أحياناً ضعف ما يرث
الولد لو كان في مكانها ، فلو ماتت امرأة وتركت ستين فداناً ميراثاً ، يقسمون على
زوج ، وأب ، وأم ، وبنتان ، فإن للزوج الربع (3 أسهم X 4 = 12 فداناً) ، وللأب السدس (سهمان 4 = 8 أفدنة) ، وللبنتان الثلثان (8 أسهم X 4 = 32 فداناً) [1] ، فلو كان مكان البنتين ولدان
لورثا 25 فداناً فقط ، على اعتبار أن الولدين يرثان تعصيباً ، إذ ينتظران حتى يأخذ
أصحاب الفروض أنصبتهم فيأخذ الزوج الربع (= 15 فداناً ) ويرث الأب السدس (= 10
أفدنة ) ، وتأخذ الأم السدس (=10 أفدنة ) ، ولا يتبقى من التركة سوى 25 فداناً
يأخذهما الولدان وهما أقل من الـ 32 فداناً التي أخذتهما البنتان في المسألة
الأولى ، على الرغم من أنهما في درجتهما .ويتضح من هذا أن فرض الثلثين للبنتين قد
أتاح لهما فرصة في بعض المسائل أن تأخذ كل بنت أكثر من نظيرها إذا وجد ابنان مكان البنتين
. ولو جعلنا مكان البنتين بنتي الابن، وجعلنا مكان الابنين ابني ابن لكانت المسألة
كما هي، لأنهم ورثوا باعتبار البنوة.
وكذلك لو ماتت امرأة عن تركة 48 فداناً ،
وورثتها : زوج ، وأم ، وأختان شقيقتان ( في هذه المسألة أيضا عول كما في المسألة
الأولى ) فللزوج النصف ( = 3أسهم من ستة X 6 =18 فداناً ) ، وللأم السدس (=1 X 6 =6 أفدنة) ، وللأختين الشقيقتين الثلثان (=4 أسهم X 6 = 24 فداناً ) ، فلو جعلنا مكان الأختين الشقيقتين أخوين شقيقين
لأخذ الزوج 24 فداناً والأم ثمانية أفدنة والأخوان الشقيقان 16 فداناً ، وهو أقل
من نصيب الأخوين الشقيقين اللذين في درجتهما ، ونفس الوضع لو كانت الأختان لأب مع
الأخوين لأب في المقابلة مع الأختين الشقيقين والأخوين الشقيقين .
وكذلك الحال في المسائل الآتية:
أ-زوج، وأب، وأم، وبنت، في مقابل زوج، وأب وأم وابن؛ تأخذ البنت أكثر من الابن. ب-زوج،
وأم، وأختان شقيقتان، في مقابل: زوج وأم وابنان، فإن الأختين الشقيقتين ترثا في
المسألة الأولى أكثر من ضعف ما يرثه الابنان في المسألة الثانية جـ-زوجة، وأم،
وأختان لأم، وأخوان شقيقان، فإن نصيب الأختين لأم من الميراث أكثر من نصيب الأخوين
الشقيقين. د-زوج، أخت لأم، أخوان شقيقان، فنصيب الأخت لأم من الميراث ضعف ما يرث
الأخوان الشقيقيان.
هذه نماذج مما ذُكِرَ في كتب الفقه الإسلامي عن الحالات التي ترث فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه، أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، وتصل هذه الحالات إلى أكثر من ثلاثين حالة، وذلك في مقابل أربع حالات محدودة ترث فيها المرأة نصف ما يرث الرجل، وذلك للاعتبارات التي ذكرناها سابقاً، مما يدل على أن الإسلام لم يهضم المرأة حقها في الميراث.
أ. د/ محمد شامة[1] )
فى المسألة عول أى زادت الأنصباء عن الواحد الصحيح فتقسم التركة على مجموع الأسهم أى
15/60 =4 أفدنة ونضربه فى سهم كل
واحد ليتحمل الجميع فى النقص .
جزاك الله خيرا الجزاء
ردحذف