أين ومتى تقوم الساعة؟
أ. د/ محمد شامة
ازدهرت الأبحاث الفلكية في العصر الحديث ازدهاراً لم
تبلغه عبر تاريخها، وذلك بفضل استحداث الآلات التي مكنت العلماء من اكتشاف ما خفي
في الكون عما كان موجوداً في العصور السابقة، فجال العلماء بآلاتهم الحديثة خلال
الفضاء الكوني وصالوا في جنباته، فشجعهم ذلك على البحث في نشأة الكون، وكيف كانت،
والسباحة بين الكواكب السيارة محاولين معرفة عناصرها، وكيفية تكوينها، وعلاقتها
بما حولها من كواكب حتى وصلوا إلى تصور محدد عن تركيبها ومساراتها، وقربها وبعدها
عن كوكبنا (الأرض) والمجموعة الشمسية (درب التبانة). وعلى الرغم من بلوغهم إلى هذه
الدرجة فلا زال هناك جوانب في الفضاء الكوني لم يصلوا إليها.
فإذا عرضنا ما توصلوا إليه في هذه الأبحاث تبين لنا مدى جهد
العلماء في هذا المجال؛ ففي جانب البحث عن نشأة الكون فقد أكدت الأبحاث أن البدء
كان الانفجار العظيم الذى عبروا عنه بالإنجليزية (Big Bang ( إذ قي علم الكون الفيزيائي هو النظرية السائدة
حول نشأة الكون، فتبين هذه النظرية أن الكون كان في البدء في حالة حرارة شديدة الكثافة
، فتمدد ، وأن الكون كان يوماً
جزءًا واحداً عند نشأته فانفجر، ويحدد العلماء حدوث هذه الظاهرة قبل 13,8 مليار سنة، وهي تعتبر عمر الكون، إلا أن الأمر
احتاج إلى آلاف السنين لتَكَوِّن النجوم والمجرات.
تُقدِّم نظرية الانفجار العظيم شرحاً وافياً لمجموعة
واسعة من الظواهر المرئية التي تُشَاهَد وتُرْصَد بتلوسكوبات ضخمة وتلوسكوبات
فضائية مختلفة بما في ذلك وفرة من إرصاد الإشعاعات الكونية والخلفية الإشعاعية
للكمون والبنية الضخمة له.
عبر القرآن الكريم عن هذه
الظاهرة أصدق تعبير وأوجزه في قوله تعالى: "أَوَلَمْ يَرَ
الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا
فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا
يُؤْمِنُونَ" [الأنبياء: 30 ]
تظل – حتى الآن-حالة الكون في اللحظات الأولى قبل الانفجار
العظيم مبهمة وغير مفهومة، ولا تزال مجالاً للبحث؛ إذ لا تفدم نظرية الانفجار
العظيم أي شرح للحالة الأولى قبلها، فيحاول العلماء تفسير نشأة وتطور الكون منذ
تلك اللحظة الأولى بعد الانفجار العظيم إذ بدأ الزمان والمكان بعده.[1]
حث الإسلام
الإنسان على البحث في نشأة الكون قبل الانفجار العظيم، فقال تعالى:"قُلْ
سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ
يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " [العنكبوت: 20 ] فيجب على المسلمين أن يتعاونوا مع غيرهم
في البحث في هذا المجال لأن اكتشاف أسراره يعطي الدليل القاطع على أن للكون خالقاً
هو الله .
لقد
حاول المسلمون الأوائل شرح هاتين الآيتين، وهما قوله تعالى:
"أَوَلَمْ يَرَ
الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا
فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا
يُؤْمِنُونَ" [الأنبياء: 30 ]
و قوله:"قُلْ
سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ
يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " [العنكبوت: 20 ]ﱠ
فلم يتجاوز ما ذكروه في هذا المجال الشروح
اللفظية واستنتاج دلائل على أن للكون خالقاً؛ إذ لم يتطرق البحث إلى الواقع
الفضائي المشاهد إلا شذرات جاءت في بعض الإنتاج العلمي والفلسفي لعلماء حاولوا
شرحاً ماديًّا للظواهر الكونية ، لكن لم يخرج
هذا الشرح عن نظريات قائمة على أساس البحث في عالم الطبيعة؛ ولذلك يجب على علمائنا
في العصر الحديث أن يلتقطوا الخيط من العلماء المهتمين بالفضاء الكوني ، ويضيفوا
إليها مستخدمين الآلات الحديثة التي لم تكن بأيدي أسلافهم ، فإن فعلوا ذلك يكونوا
قد امتثلوا لأمر الله في القرآن الذى يحثهم على البحث في ملكوت الله ، يقول تعالى:
" أَوَلَمْ
يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ
مِن شَيْءٍ"
[الأعراف: ١٨٥] ، والبحث عن كيفية بدء الخلق كما في قوله تعالى :"قُلْ
سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ
يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " [العنكبوت: 20 ]ﱠ
ليس مراد الله بالنظر في ملكوته هو (البحلقة)
أو نظر الحالم في السماء، بل المقصود دفع الإنسان إلى البحث بكل ما يملك من آلات
في الفضاء، لاكتشاف ما يحتويه من كواكب، وسبر غورها لمعرفة مضمونها وجوهرها،
وعلاقة بعضها ببعض، وتأثيرها على حياة البشر على الأرض، وهو الأمر الذي نفذه كثير
من العلماء الذين اهتموا بالظواهر الكونية، وغفل عنه –إلى حدما-المسلمون، ولذا يجب
علينا –نحن المسلمين-اللحاق بهم في هذا المجال للإسهام في اكتشاف هذا العالم كما
أمرنا الله تعالى كي نثبت لهم أن لهذا الكون خالقاً هو الله .
سجل علماء من
كلية لندن الجامعية سابقة بعد اكتشاف آثار ماء في الغلاف الجوي لكوكب شبيه بالأرض
يدور حول نجم بعيد، مقدمين للإثبات بذلك على أن عناصر أساسية من الحياة موجودة
حقًّا خارج نظامنا الشمسي. ويقول "أنجيلوس تسياراس" أحد علماء الفضاء من
كلية لندن الجامعية: إن طاقم البحث يركز حاليًّا على إيجاد كواكب خارج نظامنا
الشمسي تتمتع ببيئة مشابهة للأرض.
إذن، فهناك احتمال وجود أنظمة أخرى
خارج درب التبانة (مجموعتنا الشمسية). ألا يمكن أن يفسر هذا التصور العلمي قوله
تعالى:
"فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي
كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ
وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ" [فصلت:
١٢] ، إذ يمكن، بناءً على هذه النتائج الفضائية، أن هناك سبع مجموعات شمسية، وأن
مجموعتنا هي الأدنى لنا الذي عبر عنها القرآن الكريم بقوله تعالى: وَزَيَّنَّا
السَّمَاءَ الدُّنْيَا ،
أي سماء مجموعتنا الشمسية.
إذن يوجد مجموعات في الفضاء الكوني تشتمل على كواكب مثل
كواكبنا بما فيها أرض مثل كوكبنا الذي نعيش عليه كما توصل علماء كلية لندن، وإلى
وجود كوكب شبيه بالأرض خارج مجموعتنا الشمسية.
ألا يحتمل -بناءً على هذه النتيجة-أن يكون مقر الدار الآخرة
ليس على هذه الأرض، بل ليس في مجموعتنا الشمسية، بل هي في مجموعة أخرى؛ فمن يموت
ينتقل إلى مجموعة أخرى جعلها الله مَقَرًّا للثواب والعقاب. وبناءً عليه يصبح
تحديد الفكر الديني زمناً لانتهاء وجود الأرض لامعنى له؛ لأنه لا يستند إلى وحي،
ولا إلى طبيعة تكوين هذا العالم، لأن الأبحاث أفادت بأن زمن وجودها (أي الأرض)
يقاس بملايين، بل بمليارات السنين، بل إنهم توصلوا إلى عمر لوجودها لا يمكن للعقل
أن يتصوره، وأثبتوا وجود دورات للحياة على هذه الأرض، فهناك دورة تفنى (كدورة
الديناصورات مثلاً) وأخرى تبدأ مما جعل المتشككين في صحة الأديان السماوية يعتقدون
أن لا حياة بعد هذه الحياة، فانضموا إلى من أخبر عنهم القرآن الكريم بقوله تعالى :
"وَقَالُوا
مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا
إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا
يَظُنُّونَ"
[الجاثية: ٢٤] وذلك تعبيراً عما كان
يقوله بعض الأعراب : (ماهي إلا أرحام تدفع وأرض تبلع).
لم يحدد القرآن الكريم تاريخاً لقيام الساعة، بل نص فقط على
أن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم هي الرسالة الخاتمة، قد تكون خاتمة لهذه الدورة
الحياتية على هذه الأرض، وقد تمتد إلى أمد لا يعلمه إلا الله جل جلاله . فالتصور الذي وصلت إليه –وقد أكون مخطئاً-أن من
يموت –وهم يُعَدون بعشرات بل ربما بمئات الآلاف كل يوم على مستوى العالم-تقوم
ساعته في نفس اللحظة، فيقدم للحساب، فإن كان محسناً دخل الجنة، وإن كان مسيئاً نال
العقاب، وذلك في مجموعة أخرى غير مجموعتنا الشمسية، فالحساب والثواب والعقاب مستمر
كل يوم في العالم الآخر، عالم خارج مجموعة درب التبانة.
أتوقع
سيلاً من الأسئلة يقذفها في وجهي أولئك الذين يصدمهم هذا التصور؛ وذلك لتمسكهم
بآراء العلماء السابقين، ولغياب الهدف من هذا الطرح عنهم. ومن أمثلة أسئلتهم ما يرددونه
أمامي، مثل: ماذا تقول في قوله تعالى: "إِذَا الشَّمْسُ
كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ
انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ
سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ
عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ
حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ
سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ
زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا
الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ
ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ
نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ
كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ
سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ
أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا
أَحْضَرَتْ (14) [التكوير: ١ – ١٤]
وقوله: إِذَا
السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ
انْتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ
فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ
بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا
قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5)" [الانفطار: ١ – ٥]
ويرددون ما قاله المفسرون في تفسيرهم لهذه
الآيات من أن هذه الظاهرة تصور ما يحدث في الكون يوم القيامة، وأنها علامة علي
فناء الدنيا.
ليس في هذه الآيات تحديد لتاريخ وقوعها، ولا بيان لمكان
الوقوع، مما يدفع العقل إلي تصور مكان وزمان الوقوع خارج مجموعتنا الشمسية؛ طبقاً
لنتائج أبحاث الفضاء التي توصل إليها العلماء في العصر الحديث، وهو الذي دفعني إلى
هذا التصور الذي وصلت إليه. فإن كان صحيحاً حصلت على أجرين؛ وذلك لدفع شبهات الذين
اضطلعوا على ما وصل إليه العلم في عالم الفضاء، فأوحى إليهم بشكوك حول وقوع أحداث
الدار الآخرة في هذا الدرب (درب التبانة)، فشكوا في صحة ما ورد في هذا المجال في
القرآن الكريم، ولكن عندما يقتنعون بما رأيناه من أن أحداث الدار الآخرة لن تقع في
هذا الدرب (درب التبانة) فسوف يزول شكهم في صحة ما ورد في القرآن الكريم عن أحداث
البعث والقيامة.
ومما يدعم هذا الرأي ما ورد من أن
الأعمال تُعْرَض يومي الإثنين والخميس؛ على من تُعْرَض؟ على الله؟ حاشا وكلَّا؛
فلا يعرض أمر إلا على من يجهله للعلم به بواسطة العرض، أم يعرض على الإنسان الحيّ،
فهذا لا يقبله عقل؛ إذ ما هو الدليل على أن أعمالي تعرض عليّ في الأسبوع مرتين؟
ولماذا تُعرض؟ هل لتذكيري بها؟ أنا أتذكرها والقرآن الكريم ماثل امامي يذكرني في
كل الأوقات بما يجب عليّ عمله، وما ينبغي أن أتجنبه، وإلا فما فائدة القرآن الكريم
إذا كان هناك من يذكرني بذلك في الأسبوع مرتين؟
وبناءً عليه فالعرض يكون على من
مات ليرى بنفسه ما اقترفه في دنياه، ويكون ذلك توطئة للثواب والعقاب.
ومما لا شك فيه أن مئات الآلاف على مستوى العالم يموتون
كل أسبوع، فتعرض عليهم أعمالهم يوم الإثنين ويظل الحساب معهم حتى يوم الجمعة حيث
يصدر الحكم فإما ثواباً فيدخل الجنة أو عقاباً فيدخل النار. وهذا يفسر أيضاً ما
روي عن عذاب القبر، إذ العذاب ليس في القبر وإنما انتقل الميت إلى مجرة أخرى غير
مجرتنا (المجموعة الشمسية)، وفيها يقع الثواب والعقاب. يؤيد ذلك ما ورد في القرآن
الكريم في قوله تعالى: "سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن
رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ
لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن
يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" [الحديد: ٢١]، وقوله: "وَسَارِعُوا
إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين" [آل عمران:
١٣٣]، فإذا كان عرض الجنة كعرض السماوات والأرض، أو حتى كعرض سماء واحدة والأرض
فهي بالتأكيد ليست في هذه المجموعة الشمسية لأنها أكبر منها، فهي في مجرة أخرى غير
مجرتنا التي نعيش فيها، فنحن بعد الممات ننتقل إلى عالم آخر أوسع من عالمنا هذا.
قد يقول قائل: بماذا تفسر وجود أجساد الموتى
في المقابر ووجود مومياوات الفراعنة التي مر على موته آلاف السنين، لماذا لم تنتقل
إلى المجرة الأخرى حسب رأيك؟
ألا يمكن أن الله –وهو القادر-أن يكون قد ينسخ
صورة من الجسد ترافق الروح في الموقف وتصطحبه في عالم الثواب والعقاب؛ إذ الله
قادر على ذلك، فهو القائل: أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ۚ بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ
الْعَلِيمُ. إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن
فَيَكُونُ" [يس: ٨١ –
٨٢]، فإذا كان هذا التصور لا يقبله عقل الآن؛ فقد سبق أنه لم يقبل في الزمن الماضي
أشياء ظن أنها من المستحيلات وبمرور الزمن أصبحت واقعاً مسلماً به، كما أنه ليس
هناك مستحيل على قدرة الله سبحانه وتعالى.
أضف إلى ذلك أن الإحساس بالألم تشعر به الروح
وليس الجسم، عبرت عن ذلك أسماء بنت أبي بكر عندما أخبرها ابنها عبد الله بن الزبير
بأن يخشى أن يمثل أعداؤه بجسده بعد مقتله، حيث قالت له: "يا بني! إن الشاة لا
يضرها سلخها بعد ذبحها"
هذا ما توصلت
غليه؛ فإن كنت مصيباً –وأرجو ذلك-فلي أجران، وإن كنت مخطئاً فلن أُحْرَم من أجر
الاجتهاد كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اجتهد فأصاب فله أجران، أجر عن اجتهاده وأجر عن صواب ما
وصل إليه، ومن أخطأ فله أجر عن اجتهاده."
وأخيراً فإني أدعو العلماء المتخصصين في هذا المجال مواصلة
البحث في هذه المسألة علَّهم يصلون إلى نتائج تؤيد تصوري هذا.
والله أعلم.
أ.د/ محمد شامة